الأيام التي تتسارع حَولنا تُخبرنا انَّ ثَمَّة مصيرٌ يختبئ خلف البقاع العكسية , تواجهنا مِن غيبٍ يحتوينا , ونَحن نزفر وَهمه باللامبالاة , كأننا قِطعا ً من خَشبٍ أجوف الرّوح , مصقولَ البُنيَة المسقيمة , معدَّل الفِكر قرونا ً تائِهَة , والريح كما هيَ تأكل مِن أجسادنا ولا نعلم مَن يتنفّس الآخر ومن هُو أحقّ بالوجوديَّة .!
*
*
السادة الإنس : يَوم تَخلَّقنا في الأرحام , كُنّا إرادَة , كُنّا سَعادة في وَجه الآخر , كُنّا زينَة مدسوسة , تلعقُ مِن الأرض كلّ شَيء ولم نُدرك أنّ هذه الأشياء خَطيئتنا حين نعاملها بقسوة فهم , أو نبادلها نظرات الاعتلاء , فما زِدنا إلا نقصا ً , وما تَكاثرنا إلا إنتهاء , فما أحرزتَ مِن بين رُكامِك ..؟
هل تعلَّمت الوَثب في الصّراط المستقيم , أم رُغت تسحب مِن بين أقدامك مَعنى الصَّحيح , ورضيت بالملذّة المنتهية قِران ,ألا إنّها غاويةٌ أيدينا مِن نعيمٍ مقيم .!
كذا تُمتهان حُجَّتك , تعيدُكَ بثقوبٍ بالغة , مائلا ً تكاد تسقط مِن نفسك , ولا صورَة لَك تعرضها بتباهٍ للجَميع , إنَّك يا بريء تَرى , إنك مشوّشٌ تفسِّركَ شَكلا ً وتظنّه شَكلك الأصيل , والكُرَة تَدور وما زالت "الكرة بملعبك " .
*
*
السادَة الجِنّ : في الأعلى ايّاه أبلّغكم , لكنَّكم خضتم في الاستزادة عِلما ً بهيج , تسابقتموه فانتقم منكم , وأرداكم في تجسّس بالغ لجوّ أنتم منه في بعيد , إلا أنّ الإرادة بلَّغتكم , وأرسلت حاميا ً لكم مِن وحل السقوط , فهل استبقيتم نعالكم للخير , يذبّ مِن فراسَة الأشياء مصيرها الأخضر , أم استنادٌ أهوجٌ , لخطىً سقيمة , أبقت تَكوينكم يزأر بالمَثيل .!
*
*
ماذا نَجيدُ يا قَلم , وقَد أوردتنا حلما ً في فِكر , يتخبَّطنا فنطيعه حِبرا ً , وتهفت الأصابع ألحانا ً , وصورَا ً مَجنونة , وكان , واستكان , ومَضى ولم يَجيء , فلا نعلم ما نتذكَّره ومن سيتذكّره , نهيمُ سِلعا ً بائِدَة لا تحرسها السَّماء إلا بحكمة مقيل , ونتساوى مع الهذيان في لبّ واحد يستدرج علينا الابتعاد والابتعاد, حتى يكون الوصول في درب المستحيل , فأفِق فينا يا جَسد . حاورينا يا روح , علّ النَّفس في تبلّدها تَبرزُ وَحيا ً , يعلّمنا البياض مِن جَديد , يخبرنا أنّ الطاعَة هي الإلتزام , والتوفيقَ هو دعاءٌ بئيس مِن خلف فراغٍ أمين , تنهال الحَسرَة , فتبذر العين بكاءٌ وعويل , وتستعاد الإفاقة مضمونا ً فريد حَقِّه في التأويل .!